تقديم :
الفنون الجميلة، الفنون التطبيقية، الفنون التشكيلية، التربية الفنية، التربية التشكيلية عناوين مختلفة لكنها تصب في نفس الاتجاه حسب التركيز على الجانب النظري أو الجانب التطبيقي أو عليهما معا.
ما يمكن أن نستخلصه هنا هو أن لهذه المادة :
1. جانب نظري يتم التركيز فيه على العقل والمعرفة : العقل الذي يفكر، يخلق، يبدع، يبتكر وينتقد.
2. جانب تطبيقي يقوم على العمل والصناعة والتقنية ويركز على العين واليد : اليد التي تصنع، اليد التي تشكل، اليد التي تلمس.
يدفعنا هذا إلى القول بأن لهذه المادة خصوصيات تنفرد بها لوحدها عن باقي المواد على سبيل المثال :
- المصطلحات التي تستعملها ؛
- المواد المختلفة التي تستعملها من حبر وصباغة زيتية وصباغة مائية وطين وجبس وحجر ومواد متوفرة في الطبيعة ومواد من النفايات قصد إعادة تدويرها ومن اجل التحسيس بأهمية المحافظة على البيئة إلى آخره...
- الأدوات المستعملة : قلم، بركار ريشة، فرشاة،مزواة منقلة ... إلى آخره..
- الأسندة "les supports" من ورق وخشب وقماش وجلد و زجاج وبلاستيك إلى آخره...
كما أن طبيعة المواد تتطلب لإنجازها مشاغل خاصة "les ateliers spécialisés"، وطبعا فإن لهذه المادة مضامين تتقاسمها مع المواد المدرسة الأخرى وامتداداتها تتعدى ما هو تعليمي تعلمي الى ما هو معيشي يومي.
فعلى سبيل المثال نجد أن الرسم –dessin-
يوظف في مادة التربية التشكيلية، ونجده في كل العلوم الطبيعية منها والرياضية ، كما نجده أيضا في مادة الفيزياء والهندسة المعمارية وفي مادة الجغرافية وغيرها.
كذلك الشان بالنسبة ل: اللون la couleur فهي تتقاسمه مع الفيزياء; والخرائط في الاجتماعيات :أما التاريخ، فهناك التاريخ العام وهناك تاريخ الفن وبالطبع هناك عدة نقط إلتقاء بينهما.
أما في ما يخص المادة والحياكة matieres et textures
الضوء والظل ombres et lumiere
البصريات optique فتتقاسمه مع الفيزياء
الأشكال والإحجام والفضاء مفاهيم تتقاسمها مع الرياضيات
العناصر التي تقوم عليها الفنون التشكيلية:
إن هذه المادة تعتمد على دراسة الخطوط والأشكال والمساحات والأحجام والفضاء واللون، وهنا يجب أن نشير إلى قضية هامة جدا، وهي أنه لا يوجد ميدان من الميادين أو مادة من مواد التدريس يمكنها الاستغناء عن بعض أو كل العناصر التي تقوم عليها الفنون التشكيلية.
فكما أننا نتكلم أيضا عن الأمية analphabétisme بصدد القراءة والكتابة،و الإعلاميات في زمننا هذا . يمكننا أيضا الحديث عن الأمية البصرية أو الفنية، وكيفما كان نوع الأمية، يجب محاربتها والقضاء عليها.
فنحن نعيش ونتحرك باستمرار داخل عالم أصبحت فيه الصورة باختلاف أنواعها سيدة الموقف فهي موجودة في كل مكان داخل وخارج البيوت والمنازل، ونحن جميعا نستهلك كما هائلا منها من الصباح إلى المساء. وهذا الوضع يتطلب بالطبع منا الاستئناس والتعرف على لغة الصورة حيث أن لهذه الأخيرة لغتها الخاصة ويجب علينا الإلمام بها.
ونظرا لأهمية الصورة وتشعبها أصبحت في المناهج الجديدة تتقاسمها مادة الفنون التشكيلية مع مادة جديدة أطلق عليها الفنون البصرية "audio visuel".
تعريـف عام لمادة التربية التشكيلية :
هي مادة متعددة الجوانب والأنشطة بسبب تقاطعها وتفاعلها مع مختلف المجالات وخاصة ما يتعلق منها بكل ما هو مرئي، تشكيلي وإبداعي ومع جل التخصصات المتعلقة بابتكار الأشكال والنماذج والصور.
فهذه الخاصية تجعل لمادة التربية التشكيلية ضمن منظومتنا التعليمية موقع ودور تربوي وتكويني كامل ومتميز في مطلع القرن 21 الذي يشهد انتشار كاسح لثقافة الصورة (على حساب الثقافة المكتوبة)، هذه الصورة بأنواعها وتقنياتها ووسائطها ووظائفها أصبحت المادة الأكثر جاذبية والأكثر استهلاكا على الصعيد العالمي والوطني سواء كان ذلك على المستوى الثقافي أو الإبداعي أو الصناعي أو التكنولوجي و الإعلامي.
في إطار إصلاح منظومتنا التعليمية وتماشيا مع هذه التطورات والمستجدات وما تثيره من رغبات وتطلعات لدى المتعلم والمجتمع على حد سواء، تعمل مادة التربية التشكيلية كذلك؛ وإضافة إلى أهدافها وأنشطتها التشكيلية التعبيرية والإبداعية والثقافية على اعتماد الوسائل الديداكتيكية الوظيفية المرتكزة على الحاجيات، وذلك بتوسيع الآفاق والطاقات التعليمية والتكوينية للمادة عبر أنشطة تشكيلية تتناول مختلف مجالات التصنيع والإنتاج والمعمار والاتصالات المرئية، كابتكار النماذج والتصاميم والمجسمات والرسوم البيانية والتقنية ومعالجة وإنتاج الصور...
وبما تتميز به مادة التربية التشكيلية من تقاطع وتكامل بين الجوانب الفنية التشكيلية الإبداعية والثقافية ومختلف التخصصات الحرفية والإنتاجية، وأنشطة مفتوحة تكسب المتعلم الذاتية في التفكير من خلال التفاعل والتمفصل المستمرين بين الممارسة التطبيقية وما هو نظري ومعرفي، فإنها تمكن هذا المتعلم من الكفايات المستعرضة والمستديمة الضرورية لمواجهة واقع ومتطلبات الحياة، مثل البحث والتحليل والتركيب والتجريب والاستثمار والابتكار والمبادرة والتواصل...
ولقد أصبحت الحاجة ملحة لهذا النوع من التعليم والتي تعتبر مادة التربية التشكيلية في طليعة المواد المؤِهلة للمساهمة الفعالة فيه...